يا قدسُ قومي للصّلاةِ وكَبِّري
ما ضرَّكِ الشُّذاذُ يوْماً فاسلمي
قد زادكِ الآيمانُ نوراً هادياً
وحباكِ إطْلالاً بهيّاً فاشكري
بورِكْتِ من ربِّ العباد بهدْيِهِ
عهْدٌ عليهِ بأن تُصاني فاهدئي
أنتِ الزّمانُ عراقةٌ وحداثةٌ
أنتِ المكانُ قداسةٌ هل تعلمي؟
أُمُّ العواصمِ والمدائِنِ والقرى
أرضُ المساجدِ والكنائسِ فارْكعي
أنتِ المنارةُ للخلائِق في الدُّجى
أنتِ البدايةُ للعبادة فاسجدي
وحضنْتِ مريمَ واليسوعَ برِقّةٍ
فيكِ المحبّةُ والسّلامُ فهلّلي
أسْرى إليكِ محمّداً خيرُ الورى
صلّى وسبّحَ في حِماكِ فسبِّحي
يا قِبْلةَ الإسلامِ في ريعانهِ
يا مهْبِطَ الأديانِ صومي واضْرعي
.............................. ................
والمسجدُ الأقصى تألّقَ نجمُهُ
يزهو سماكِ بِوَهْجِهِ فتهجدي
.............................. ................
وفتحتِ بابَكِ للخليفةِ مُشْرَعاً
لرسالةِ الإسلامِ ديناً فاهْنئي
فسَعِدتِ بالفاروقِ ضيْفاً فاتِحاً
وسعادةُ الفاروقِ أكْثرُ هل تعي؟
……………………………….
وطُعِنْتِ غدْراً بالخيانةِ والرّدى
وسُجِنْتِ إجْحافاً ولم تستسلمي
عانيْتِ تعْذيباً لكي تتنكّري
لديانةِ الإسلامِ عبثاً ترْعوي
واخْترتِ درْباً للعفاِ وللتُّقى
ورفضْتِّ إغراءً بأنْ تتصلّبي
لبّى نِداءَكِ فارسٌ ما غرَّهُ
طيبُ الحياة بَلِ الشّهادةِ يبْتغي
مِنْ خلفِهِ جيشٌ تسلَّحَ بالهُدى
دَحَرَ الغُزاةَ وردَّ كيْدَ المُعْتدي
هذا صلاحُ الّدينِ أنْجزَ وعدَهُ
وفّى الأمورَ نصابها كي تستوي
فأعادَ للأقصى بريقاً قد خبا
في غفْلةِ التاّريخِ كلْمٌ قد شُفي
فتبسّم الفاروقُ من تحت الثّرى
لوِصالِ سِبْطٍ للعقيدةِ ينتمي
.............................. .............
وطُعِنتِ ثانيةً بسهمٍ قد هوى
صوْبَ الفؤادِ فما أصابكِ فاشكُري
عانيْتِ خُذلاناً وغدْراً بالخفا
وسئِمتِ تبشيراً بنصْرٍ فاحْذري
درْبُ النِّفاقِ مُضلِّلٌ لا تأمني
ظُلْمُ الأقاربِ مُسْتطيرٌ فاصْبري
مُنّيتِ عُمراً أو صلاحَ جُزافةً
ذاك السّرابُ مُخادعٌ لا تركني
قاومتِ بطْشاً مُفْرِطاً مُتعسّفاً
ورفضتِ قطعيّاً بأن تتصهْين
فأبيتِ تغيير العقيدةٍ والنُّهى
وأبيتِ تغيير الهويّةِ فاثبُتي
حمْلقْتِ في وجْهِ الغُزاةِ بعِزَّةٍ
وكرامةٍ تأبى الهزيمةَ فاصْرُخي
عربيّةٌ رغم الحصار وقهْرِهِ
عربيّةٌ تسري العروبةُ في دمي
عربيّةٌ أهْوى العفافَ وطهرَهُ
أحْصنتُ فرجي فالعقيدةُ مذهبي
فَشَهِدّْتُ تعذيب المسيحِ وصدِّهِ
وَشَهِدّتُ قتْلَ الأنبياءِ بموْطِني
يحيى التَّقِيُ والدٌ من قبْلِهِ
غدْرٌ بيوسفَ هل أُكذِّبُ ناظري؟
أهْلَ الفسادِ أموتُ دون عقيدتي
مهْما علوْتمْ فالصّمودُ وسيلتي
لا تأْملوا أبداً بطمْسِ هويّتي
أقْسمتُ بالرّحمن ألاّ أنْحني
مِنْ قبلكم فَشِلَ الغُزاةُ وغادروا
وبقيتُ قدْساً للعروبةِ أنتمي
آمنْتُ بالرّحمن حيثُ أذاقكُم
سوءَ العذابِ لبغْيكم في موْطِني
وعْدٌ تحقّقَ بعْدَ كلِّ مكيدةٍ
وعْدُ الإلهِ فلا جدالَ سينْقضي
صولوا وجولوا فالحِبالُ قصيرةٌ
والّدهرُ دوّارٌ يغيبُ وينْجلي
سأظلُّ رمْزاً للسّلامِ وللهُدى
سأظلُّ شوْكاً في طريق المُعْتدي
.............................. .............
.............................. .............
يا قدسُ إنْ طالَ الفِراقُ وضيْمُهُ
فالقلبُ مفتونٌ بعِشقِكِ يكْتوي
يا قدسُ لنْ ننسى وإنْ طاَ ل المدى
فا لعقْلُ معمورٌ بحبّكِ يرتوي
يا قدسُ لا تهِني ولا تتثبّطي
أنتِ العُلوُّ مكانةً لا تحْزني
فيكِ الكرامةُ والعزيمةُ والتُّقى
يا قدسُ صبْراً فالظّلامُ سينجلي
.............................. .............
وحَلِمْتِ بالتّحريرِ بيضٌ جُنْدُهُ
وعْدُ الإلهِ مُحقّقٌ فالتحْلمي
فبنوكِ أسْرى قد تعمَّقَ جُرْحُهُمْ
ضلّوا الطّريقَ الى حِماكِ تجلّدي
وبنو العروبةِ كُبِّلوا بتعسّفٍ
مِنْ سطْوِ أشْرارٍ وغدْرٍ فاصْبري
وبنو الأخوّةِ في الدِّيانة فُرِّقوا
مِن ْكيْدِ أعْداءٍ علواْ لا تقْنطي
ما دام ظُلْمٌ أوْ فسادٌ بالعُلى
فتداوُلِ الأيّامِ حقّاً فاعلمي
إنَّ الظَّلامَ مُحَقّقٌ إجْلاؤُهُ
بشروقِ شمْسٍ لا محالةَ فابْشِري
والعُسْرُ مصحوبٌ بيسْرِ دائماً
والليلُ يتلوهُ النّهارُ فينْطوي
فتثبّتي وتجلّدي وتماسكي
وأزْدادِ صبْراً واشْكُري وتشبّثي
بخيوطِ ايمان العقيدةِ سُلَّماً
للنّصْرِ والتّحريرِ وعْدٌ فاعْقِلي
وتوكّلي وتدثّري وتزمّلي
وازدادِ تصميماً فليلكِ ينجلي
زمنٌ تسوّدَهُ الأذلّةُ في الدّجى
هدروا الكرامة كالنّعامةِ تستحي
ضاقَ المكانُ على المُناضِلِ فانْطفى
بسجونِ ظُلاّمٍ يموتُ وينطوي
.............................. ....................
قد أمْعَنَ السّجانُ في تعذيبهِ
فازْدتِ إصْراراً فلا تتراجعي
صبْراً على التّعذيبِ لا تتنازلي
صومي وصلّي بالدُّعاءِ تضرَّعي
-----------
بقلم : أحمد ابراهيم عبدالله الحاج الحلاحلة